Thursday, October 11, 2012

هل اراد ربّكم ذلك ؟

كان القرنين ال20 و ال21 الأسوأ في تاريخ البشرية , فقد كانا متزامنين مع ثورات تكنولوجية و علمية عظيمة , و كان العالم منقسما إلى ثلاثة أقطاب كبرى : قطب إمبريالي ليبرالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية , قطب إسلامي أصولي محافظ و قطب يساري شيوعي كان الأضعف بعد سقوط الإتحاد السوفياتي.
كانت الفوضى عارمة في ذلك العصر , غزوات و نزاعات عسكرية , إرهاب و قتل و دمار , فقر مدقع, أمراض و أوبئة ...
سنة  2025 , وصلت الفوضى إلى ذروتها و اندلعت أسوء حرب في تاريخ الإنسانية : حرب نووية عالمية بدأت بين إيران(دولة فارسية شيعية) و إسرائيل (دولة يهودية) ثم انضمت إليها الولايات المتحدة الأمريكية (القوة المهيمنة آنذاك) و كوريا الشمالية و 
الصين و روسيا و فرنسا و بلدان أخرى ...

 دمّر العالم بأسره , مات حوالي 500 مليون بشر حول العالم , ظهرت المجاعات و الأوبئة و أمراض مخبرية جديدة فتكت بنحو 90 مليون من سكان العالم ... دامت الحرب 10 سنوات ثم توقفت تدريجيّا بعد أن أدت الإشعاعات النووية إلى ظهور وباء غير مسبوق ينتشر في الهواء و الماء   يقوم بإذابة جزء من الدماغ , لم يستثن هذا الوباء الجنود و العسكريين و السياسيين فتوقفت الحرب مخلفة دمارا هائلا ... ظل العالم في حالة مريبة لثلاثة قرون توقف فيها كل شيء .
و مع مرور الزمن , بدأت البشرية تسترجع نشاطها تدريجيا , سنة 2678 , غزت الأرض مخلوقات غريبة تشبه الإنسان لكنها أكبر منه حجما بحوالي 5 مرات , تبين في ما بعد أنها مخلوقات فضائية تمتلك تكنولوجيا لم يتمكن للبشر فهمها ,أدركت هذه الكائنات ماذا حلّ بالعالم و فهمت جوهر الصراع  البشري فأبرمت قياداتها مع مكونات المجتمع المدني العالمي في أكتوبر 2680 اتفاقية جوهانزبرغ بنقل الليبراليين إلى مجرة خاصة بهم , و كذلك الشيوعيون و الإسلاميون , تم تنفيذ هذا القرار على امتداد 20 عاما .
مرت عقود على هذا الإجراء , بنا الرأسماليون عالمهم الديمقراطي الذي كان متميزا بتطور مستوى المعيشة و باكتشاف موارد طبيعية جديدة و أدت المنافسة بين رؤوس الأموال إلى تطور الإنتاج و تطور العلم و الطب ,  طبق الإسلاميون الشريعة فأصبح مجتمعهم خال من كل مظاهر الشذوذ و الإنحلال الأخلاقي بل و كان الجميع مواظبين على واجباتهم الدينية و شهد عالمهم تطورا علميا و ثقافيا باهرا , أنجز الشيوعيون الجنة التي كان يحلم بها ماركس , كان الجميع يعمل , الجميع ينتج , ألغي التفاوت الطبقي , لم يكن هناك فقر , كان العلم و الثقافة ملك للجميع و كان الحكم بيد الشعب ...       
ظلت هذه الحالة مستمرة , و بعد  3 قرون بدأت تظهر في المجرة الإسلامية دعوات لضرورة فتح المجرتين الديمقراطية (الليبرالية) و الحمراء (الشيوعية) , فقد كانت الدعوة واجبا على كل مسلم ...  , أما في المجرة الديمقراطية فقد إكتشف العلماء أن في المجرتين الإسلامية و الحمراء ثروات طبيعية هائلة يمكن أن تستفيد منها البشرية و أن في هاتين المجرتين شعوب يمكن أن تربحها الكثير من المال إذا استهلكت سلعها و منتوجاتها , و بخصوص المجرة الحمراء , وصلت معلومات إستخباراتية أنه بدأت تظهر الطبقية و إستغلال الإنسان للإنسان و اضطهاد المرأة في المجرات الأخرى و تعالت الأصوات لضرورة تحرير هذه الشعوب و القيام بالواجب الأخلاقي أمام التاريخ ... تحولت كل هذه الأفكار إلى مقترحات جدية , ثم إلى قرارات رسمية , و في سنة 3206 إنطلقت مركبات فضائية من المجرة الديمقراطية نحو المجرة الحمراء , التي كانت أقرب لها , لاستطلاع الأوضاع , فواجهتها المضادات الصاروخية الفضائية للجيش الأحمر الشعبي ببسالة و بدأت المواجهة الدامية , و بعد سنتين وصلت طائرات كونية من المجرة الإسلامية لتفتح المجرة الحمراء بعد أن أفتى في ذلك أمير المجرة , نشبت الحرب في الفضاء المجاور للمجرة الحمراء , و شكل تحالف وقتي بين الإسلاميين و الديمقراطيين , قاوم الشعب الشيوعي بأكمله هذا العدوان , و قدم التضحيات و نجح في نقل الحرب إلى الفضاء الخارجي المحايد حيث إنهار تحالف الإخوان و الليبراليين و وصل آلاف المتطوعين من المجرة الإسلامية للجهاد 
في سبيل الله .
طالت الحرب و اشتدت و تحولت مرة أخرى إلى حرب نووية لكنها هذه المرة دمرت بالكامل الإنسانية و لم يبقى في الكون سوى الله و الكائنات الفضائية و أنا .
  8/7/4011